أطلق الرئيس محمد مرسي من ألمانيا حملة “ادخر في مصر” لكل المصريين في
الخارج لدعم الاقتصاد المصري، بحيث يوضع جزء من مدخراتهم في البنوك المصرية
يمكن أن يصل إلى ثلاثين مليار دولار مما يدفع الاقتصاد المصري ويعزز الثقة
فيه، مؤكدا أن الاقتصاد المصري قوي بالفعل رغم ما يبدو على السطح من حدوث
تراجع، مشيرا على سبيل المثال الدور القوي الذي يلعبه الاقتصاد غير الرسمي
في مصر في الأنشطة التجارية.
صرح بذلك اليوم السفير محمد حجازي سفير مصر لدى ألمانيا، وقال إن الرئيس
مرسي أوضح خلال لقائه مع منتدى رجال الأعمال المصري الألماني أمس أن موسم
سياحي واحد ناجح يمكن أن يحقق نحو 14 مليار دولار، ما يغني مصر عن قرض
صندوق النقد الدولي.
وقال السفير إنه تم الاتفاق مع ألمانيا خلال المباحثات التي أجراها أشرف
العربي وزير التخطيط والتعاون الدولي على تثبيت برنامج التعاون الإنمائي
بين البلدين للعام 2013 بتمويل يبلغ 353 مليون يورو يغطي العديد من
القطاعات التنموية في مصر في مجالات الري والصرف الصحي والصناعة والتعليم
والتأهيل المهني والبحث العلمي والبيئة والبنية التحتية وتطوير المدن
والطاقة الجديدة والمتجددة.
وأضاف انه تم أيضا التأكيد على برنامج مبادلة الديون وقيمته 240 مليون
يورو حيث تم الاتفاق بالفعل على شريحته الأولى وتبلغ 80 مليون يورو، وجار
تحديد مشروعات الشريحة الثانية بمبلغ 160 مليون يورو التي سيتم توجيه
التمويل إليها.
وأوضح السفير أنه تم خلال لقاء مرسي وميركل استعراض آفاق التعاون
الإنمائي بين البلدين وما تم تخصيصه لمصر من اعتمادات لدعم عملية التحول
الديموقراطي من جانب الاتحاد الأوروبي ويبلغ خمسة مليارات يورو تسدد
ألمانيا وحدها نسبة الربع تقريبا منه الأمر الذي يجعل برلين شريكا مهما
ينبغي التشاور والتنسيق المستمر معه.
وقال السفير حجازي إن الرئيس مرسي حرص على إتمام زيارته لألمانيا رغم
أحداث الداخل نظرا لأهميتها على الصعيد الإقليمي، موضحا أن الرئيس أوضح
لميركل خلال جلسة المباحثات أمس أن ما تشهده مصر من صعوبات يأتي ضمن السياق
المعهود للثورات حيث تتجمع القوى على إرادة واحدة لإسقاط النظام الفاسد
ومع المرحلة الانتقالية بعد الثورات من الطبيعي أن تتباين وتنقسم الرؤى
والأفكار، بخاصة بعد أن تنتقل السلطة من الصفوة إلى الشعب، وعليه فإن عملية
بناء المؤسسات هي المفتاح الحقيقي لإنجاح أية ثورة، ومن هنا كانت المقاومة
الشديدة من الرافضين لبناء مؤسسات ديمقراطية وإجراء الانتخابات.
وأكد السفير حجازي أن “الزيارة في مجملها كانت مهمة جدا للحوار مع واحدة
من أهم العواصم الأوروبية، وشريكا لدعم ثورة مصر، وشجعها وساعدها بالقول
والفعل سياسيا واقتصاديا، وعالج مصابي ثورتها”، مضيفا أن “دولة مثل ألمانيا
لها روابط تاريخية وثقافية وتحظى باحترام مصر على كافة الأصعدة كان من
الضروري استمرار التشاور معها وتبادل الآراء في قضايا هامة لشرح جهود دعائم
الديمقراطية وآليات الحوار الوطني، ضمانا لتحقيق الثورة لأهدافها إلى جانب
بحث القضايا التي لا يمكن للأطراف الدولية التحرك بها دون مصر وغيرها من
القضايا التي حرص الرئيس مرسي على طرحها خلال المباحثات.
وأوضح السفير أنه “جاءت الزيارة كدعوة للعمل وانطلاق مصر بالتعاون مع
شركائها الدوليين لإيجاد حلول للقضايا الإقليمية، وكذلك للمساهمة في تثبيت
دعائم الاقتصاد المصري، وحظيت الزيارة بتقدير واحترام القيادة الألمانية
التي تلتقي بالرئيس مرسي للمرة الأولى، كما عبر البرلمان عن تقديره حرص
الرئيس على الالتقاء بهم وأيضا التواصل مع أبنائه من الجالية ودعاهم
للاطمئنان من دعوته للادخار في مصر، وكان لقاء صريحا وصادقا ووديا سادته
روح من المكاشفة والمودة بما جمع من مختلف الأطياف، وحرص الرئيس على عدم
قطع اللقاء حينما جاء موعد مغادرة برلين، وأخر طائرته لمدة ساعة حتى يستمع
لكل الآراء والمشكلات”.
وقال د. حجازي “جاءت زيارة الرئيس محمد مرسي لتؤكد ن هناك أهمية قصوى
لعلاقات مصر الخارجية رغم انشغالاته بالداخل فمصر دولة محورية .. وهناك
علاقة مهمة ورئيسية مع شركاء مصر الدوليين في أوروبا والتي تقع ألمانيا في
قلبها باعتبارها ركيزة لاقتصاد الأوربي، كما تلعب مصر وألمانيا دورا محوريا
في محيطهما الإقليمي وبالتالي لابد من التنسيق، وررغم أحداث الداخل حرص
مرسي على الوجود في برلين لأن مصر بثقلها لا يمكن أن تبتعد عن الساحة
الدولية وجاءت الزيارة لتغطي عدة احتياجات ومطالب رئيسية اولها لعلاقات
الثنائية وتثبيت برنامج التعاون الإنمائي الموجه لمصر، بخاصة أن الزيارة
جاءت في ظروف محلية وإقليمية مهمة وإدراكا من الرئيس بدور مصر الخارجي.
وكشف السفير المصري ببرلين تفاصيل جولة المباحثات المطولة، التي استغرقت
3 ساعات بمبنى المستشارية الألمانية حيث “تم استعراض آفاق التعاون
الإنمائي، وأشار السفير إلى أن الرئيس أكد حرصه على حقوق المرأة وفلسفة
الحكم القائمة على المواطنة وحماية أصحاب الديانات الأخرى وإقرار دولة
القانون والنهوض بمجتمع عصري وإقامة دولة مدنية غير عسكرية أو ثيوقراطية.
وانتقل الحديث بعد ذلك لتأكيد مسار الحوار والوطني وأهميته لاحتواء كافة
الأطراف التي ساهمت بإخلاص في الثورة والتوافق على المصلحة الوطنية التي
تقود لبناء المجتمع الذي ننشده، واستعرض الرئيس بعد ذلك الوضع في منطقة
الشرق الأوسط وأهمية التنسيق المصري الألماني والعربي الأوربي بخاصة ما بعد
الانتخابات إسرائيلية وفترة الولاية الجديدة للرئيس الأمريكي وتعيين وزير
خارجية جديد، حيث أكد الرئيس على أهمية تضافر الجهود لإطلاق تحرك دولي يسعى
لتثبيت حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تنعم بحدود
أمنه مع جيرانها.
وأضاف أن جهود مصر التي قادها من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وحقن
الدماء يجب أن يستتبعه تحرك سياسي نشط لتسوية القضية التي تشكل ركيزة
للاستقرار في الشرق الأوسط وتمثل حاجة إقليمية ودولية لما تمثله من مشروعية
وضرورة للالتزام بالمبادئ الشرعية الدولية.
وفيما يخص سوريا أكد أن مصر بمبادرتها للتنسيق الإقليمي من خلال
الرباعية ستواصل مساعيها ولن تدخر جهدا في حقن دماء الشعب السوري سواء من
خلال أخضر الإبراهيمي أو القنوات الدولية استفادة بمكانة مصر لدى أطياف
المعارضة التي أمل توحد جهودهم لتحقيق الاستقرار وعن الأوضاع في مالي أكد
الرئيس موقف مصر المبدئي على ضرورة تغليب الحل السلمي الإنمائي على الحل
العسكري الذي يؤدي الى تفاقم الأوضاع، داعيا لتنسيق المواقف الإقليمية
والدولية مع فرنسا للدفع بحل قائم على الحوار يؤدي لحقن دماء شعب مالي
وضمان سلامته الإقليمية.
وجاء الجزء المهم من الزيارة في اجتماعات المنتدى الاقتصادي المصري
الألماني الذي تم إنشاؤه تحت مظلة اللجنة المشتركة التي وقع مذكرة تفاهم
حولها صباح يوم الزيارة والتي تضمنت تأسيس منتدى أعمال عقد جولته الأولى
خلال الزيارة وعرض الرئيس خطة إصلاح اقتصادي في مصر ودعوته لدعم جهود
السياحة والاستثمار في مصر والاستثمار في المستقبل، حيث اقتصاد أكثر رسوخا
وشفافية والتزاما بالمعايير.
الدولية وفق أطر واضحة تمنح المستثمر حقوقا وتلزمه بواجبات وتؤمن له
مناخا جادا للعمل ودعا المؤسسات الألمانية بمضاعفة استثماراتها في مصر
ومضاعفة التبادل بما يليق وحجم العلاقات بين البلدين والتوافق السياسي
القائم بين البلدين، داعيا كبرى الشركات السياحية الألمانية لمضاعفة جهودها
حيث لم يتعرض السياح الأجانب والألمان لأية مشكلات منذ قيام الثورة.
كما أن لمصر أيضا العديد من المزايا السياحية التي لا يمكن إغفالها،
وأننا سنبدأ جهودا للعودة برقم السياحة ألمانية لسابق عهدها حيث وصلت الآن
الى 1.2 مليون سائح، كما وجه بدعوة رؤساء الشركات الألمانية الذين كان
سيلتقيهم ثاني أيام زيارته للقاهرة لمواصلة بحث فرص الاستثمار المقترحة في
مجالات البنية التحتية والنقل والبترول والغاز والطاقة الجديدة”.