( الإسلام نظام شامل يتناول جميع مناهج الحياة) هذه العبارة التي لابد أن يعرفها ويفهمها كل المسلمين ،لكن للأسف كثير من المسلمين ،لا يفهمها!! والبعض يحاربها بقصد أو بدون قصد.
- فالبعض قصر نظره على الإسلام على أنه
الزهد في الدنيا ،والبعض قصر نظره على فصل الدين عن الحياة ،وشعارهم (دع ما
لله لله وما لقيصر لقيصر) ،(لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين)
- قصة العميان والفيل:
هب أن شخصا أحضر فيلا وأتى ببعض العميان ،ثم قيل لهم صفوا لنا الفيل؟
فكل واحد من العميان أمسك جزءا من الفيل
وصف الفيل على أنه هذا الجزء الذى بين يديه- فمثلا الذى أمسك قدم الفيل
وصف الفيل على أنه جذع كالشجرة ضخم ، والذي أمسك خرطوم الفيل وصفه على أن
الفيل حلزوني ملتوي.
والذي أمسك بطن الفيل وصفه على أن الفيل
واسع ضخم كالقدر الكبير وهكذا...حتى جاء شخص بصير ونظر إلى الفيل ثم وصفه
وقال :أن الفيل وصفه كل ما ذكرتموه من خرطوم وأرجل وبطن وزيل ...
وهذا أمثال للذين ينظرون للإسلام تماما ،
كل من يأخذ شيئا في الإسلام ويتوافق مع هواه ظن أن الإسلام هو فقط هذا
الشئ الذي استهواه ن فالبعض يظن أن الإسلام عبادة فقط، ومنهم من يظن أنه
عقيدة فقط... والإسلام كل ذلك وأكثر لأنه (نظام شامل يتناول جميع مظاهر
الحياة)
*فرضية الإيمان بشمولية الإسلام :
والإيمان بشمولية الإسلام واجب وفرض لأنه معلوم من الدين بالضرورة،والدليل على ذلك:
- من القرآن الكريم:
قال تعالى :" قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الأنعام:162) ،"ونَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ"(النحل :89).
،"أَفَتُؤْمِنُونَ
بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ
ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ
عَمَّا تَعْمَلُونَ "0البقرة:85).
ونصوص القرآن كثيرة والتي شملت جميع مناهج الحياة منها:"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي
الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى
بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ
بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن
رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ
أَلِيمٌ "(البقرة:178) ،"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "(البقرة :183)، "كُتِبَ
عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى
الْمُتَّقِينَ "(البقرة:180)،" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ"0البقرة:189)،"وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ
وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ "(البقرة:222)،"َ يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ
وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ
مِنَ الْقَتْلِ"(البقرة :217)...الخ
فنرى نصوص القرآن الكريم الكثيرة لم
تفرق بين فرضية الصيام والوصية ،أو القصاص أو المواقيت أو الحيض أو
الجهاد...وهذا نموذج مصغر عن شمولية الإسلام في القرآن الكريم.
- من السنة:
وهناك أحاديث كثيرة دلت على فرضية شمول الإسلام منها:
.جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وفد
من قبيلة بنى شيبان بن ثعلبه وعرض النبى صلى الله عليه وسلم عليهم الإسلام
،فرغبوا فى الدخول فى الإسلام - إلا أنهم اشترطوا أن لا يقاتلوا مع النبى
صلى الله عليه وسلم إذا حارب الفرس لأن بينهم وبين الفرس عهدا .
فرد النبى صلى الله عليه وسلم بقوله :"ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق ، إنه لا يقوم بهذا الدين إلا من حاطه من جميع جوانبه"
.وموقف أبو بكر الصديق رضى الله عنه من مانعى الزكاة حيث قال :والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ..."
*الفرق بين الإسلام وغيره فى الشمول :-
والفرق بين الإسلام وغيره من الشرائع
السابقة فى الشمول- أن الشرائع السابقة للإسلام جاءت إلى قوم مخصوصين لعلاج
مشكلة معينة أو مشاكل خاصة مثل التطفيف فى الميزان عند قوم نبى الله شعيب
أو انهيار الأخلاق عند اليهود فجاء موسى ثم عيسى وغيرهما عليهم السلام
ليقومها ...وهكذا زيادة على أساس دعوة وهى عبادة الله وحده.
أما الإسلام فجاء للناس كافة قال تعالى :" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ"(الأنبياء:107)،" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ"(سبأ:28)
وقال صلى الله عليه وسلم:كان النبى يبعث لقوم خاصة وبعثت إلى الناس كافة"
*أنواع الشمول:-
يقول الإمام الشهيد(الإسلام نظام
شامل يتناول جميع مظاهر الحياة جميعا ،فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة ،وهو
خلق وقوة أو رحمة وعدالة ،وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء ،وهو مادة وثروة
أو كسب وغنى ، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة ،كما هو عقيدة صادقة وعبادة
صحيحة سواء بسواء)
فأنواع شمولية الإسلام :
1) شمول زمان : ويشمل من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة "وبعثت إلى الناس كافة "
2) شمول مكان: ويشمل كل الكرة الأرضية – قال تعالى :" لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا "(الشورى :7)
3) شمول أفراد : ويشمل جميع الأفراد وجميع الأجناس وجميع الأعمار
أ- جميع الأفراد من ذكر وأنثى – قال تعالى " مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"(النحل :97)
ب- جميع الأجناس المختلفة: قال صلى الله عليه وسلم:"لا فرق بين عربى وعجمى إلا بالتقوى والعمل الصالح"
ج- جميع مراحل الحياة المختلفة:من قبل أن يخلق الإنسان إلى أن يموت من (اختيار الزوجة ،ومراحل الجنين ،والرضاعة ،والطفولة ،والرجولة ،والتكليف،والشيخوخة"
يبدأ الإنسان حياته فى الدنيا بلا إله إلا الله ويموت على لا إله إلا الله
وكما قال صلى الله عليه وسلم:"من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة "
ولا ينطق بها في آخر حياته إلا من عاش حياته لها في ظلها.
4) شمول تشريعات : ويشمل
أ- نظام الحكم بين الناس : قال تعالى :" َأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ"(المائدة:49)
ب- نظام العلاقات الدولية: قال تعالى :" َكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"(البقرة:143)
ج- نظام الدفاع والجندية: قال تعالى :" انْفِرُواْ
خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي
سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"(التوبة :41)
د- نظام اقتصادي واستغلال الثروة والمال : قال تعالى :" وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً"(النساء:5)
ى- نظام الثقافة ونظام الفرد والأسرة والمجتمع:وروح عام يسيطر على كل فرد
قال تعالى :" وَابْتَغِ
فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ
الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ
الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"(القصص:77)
**ما يبنى على فهم الشمول:وعلى فهمنا لشمولية الإسلام على ما سبق
1) أن نؤمن بهذا الفهم: إيمانا لا يتزعزع ، إيمانا لا تحركه العواصف ولا الشهوات ولا الضغوطات .
2) أن نتربى على هذا الفهم : ونربى عليه أبنائنا وجميع المسلمين منذ نعومة أظفارنا حتى يصبح سجية لنا.
3) أن نطبق ما يمكن تطبيقه : فى جميع مناهج الحياة ،حتى يأتي اليوم الذي نطبق فيه شرع الله عز وجل ، فتنصلح الدنيا بإذن الله وهو قريب إن شاء الله.
وصلى اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم